الجائحة وأفق المستقبل

الجائحة وأفق المستقبل

الجائحة وأفق المستقبل

 لبنان اليوم -

الجائحة وأفق المستقبل

صلاح هنية
بقلم : صلاح هنية

كل الناس، اليوم، يقحمون أنفسهم بتفاصيل التفاصيل جراء الوباء والوضع الاقتصادي والمعيشي وهذه نتيجة طبيعية للهلع والخوف من المجهول وانسداد الأفق، ويحمل هذا النقاش حدة غير مسبوقة في جوهره اتهام لجهات قد تبدو معروفة أو غير معروفة، وفي هذه الأجواء يصبح متاحا لمن ينثرون الإحباط تاريخيا في كل قضية في البحبوحة وفي الوباء والضيق تبدأ من التعليق غير الموزون على بلدية المدينة وعلى كشافة المدينة وعلى قرار وزارة وعلى كل شيء.

ويصبح انسداد الأفق في الوباء والضيق الاقتصادي والمالي والمعيشي كأبواب مفتوحة لتسجيل النقاط من الكل ضد الكل، وكثر في هذه المرحلة من يتجردون من انتمائهم من أجل تسجيل النقاط فقط ومجاراة التيار، وآخرون يستأسدون على فصيل سياسي فلسطيني بطريقة مواربة ولكنها مكشوفة تماما ويجدون من ينتصر لهم من أبناء هذا الفصيل بحكم الجغرافيا التي تجمعهم وكأننا في فلسطين نعيش في قارة شاسعة تتطلب الانتصار للجغرافيا على حساب المبادئ والمفاهيم والقواعد.

كل هذه «الميمعة» لن تسعف تعزيز صمود الناس وإخراجهم سالمين من الوباء وغير مدمرين اقتصاديا، تلك الحركات الاستعراضية لا تسعف أبدا عاملا يتقاضى أقل من الحد الأدنى للأجور الذي لا يكفي أصلا، ولا تسعف في التهاب الأسعار بعد توفر السيولة المالية في يد الناس، ولا تسعف في معالجة غياب الحماية الاجتماعية، وغياب العدالة الاجتماعية، وانتشار عمالة الأطفال، والمصيبة ان أصحاب الحركات الاستعراضية والانتصار للجغرافيا على حساب سنوات طويلة من رفقة «البرش» في الأسر ومعاناة الإبعاد لسنوات عن الوطن وأيام الإقامة الجبرية والاعتقال الإداري والمقاومة الشعبية ومبادرات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والاستيطانية.

الوباء والضيق الاقتصادي ليس مبررا بالمطلق لخلخلة المجتمع وتعزيز استخدام كل القضايا لضرب المجتمع بالعمق منتصرا بحالة انسداد الأفق جراء الوضع العام القائم، وهو ليس لنا وحدنا بل هو شامل كامل للعالم اجمع، نستخدم اعتصام المعاقين للمطالبة بحق مشروع لهم ولا يجوز حرمانهم منه في الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل، ولكن دعونا نمايز بين استخدام هذه القضية لأغراض مختلفة وبين إيجاد حلول خلاقة كما فعلت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم). صحيح أننا نرى بشكل مجرد أن التوصل لحل كان يجب أن يكون منذ اليوم الأول لاعتصامهم من قبل وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية دون إتاحة المجال لأي كان باستخدام هذه المسألة.

كشفت الجائحة والبعد الاقتصادي والمالي حاجتنا للإجماع على رؤية تنموية شاملة جوهرها تعزيز الصمود والثبات على الأرض ومحاربة الفقر والبطالة ورفع جودة الحياة للمواطن الفلسطيني الذي نطالبه بأن يكون رافعة للمشروع الوطني ومقاومة الاستيطان والجدار والضم، لن ننجح دون أن يكون المواطن الصامد بخير وصحة ووضع معيشي مناسب ضمن رؤية تنموية متكاملة، ضمن صناعة الأمل وان يكون لدينا كحكومة ولدينا كفصائل ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والاتحادات الشعبية افق مستقبلي نبشر به ونحث الخطى صوبه ونتقن صناعة الأمل.

هل يعلم الذين يتغنون بمواجهة أي حرف عن واقع المرأة الفلسطينية ومستقبلها المرتبط بمستقبل شعبنا (كم عدد النساء الفلسطينيات اللواتي يعملن في المستوطنات ولا يعلن هذا الأمر). بالتالي ماذا فعلنا نحن جميعا أولا مؤسسات المرأة والجمعيات الخيرية والجمعيات التعاونية النسوية لهن ولحل مشكلتهن وإيجاد بديل لهن يعزز صمودهن ويجعلهن جزءا من الرؤية المستقبلية للوطن، هل نعلم نسبة النساء العاملات اللواتي يتقاضين رواتب لا تكفي مواصلاتهن وهن كثر، ماذا فعلنا لهن بدلا من اتهامهن، هل نعرف عدد العاملات في الزراعة بكل قطاعاتها ومعانتهن ومستوى دخلهن، هل تم إحصاء حجم الضرر جراء الجائحة الذي وقع على النساء اللواتي يعلن اسرا ويعملن عملا منزليا لسد حاجتهن وحاجة الأسرة المعالة.

نحن نتفنن كمجتمع بإطلاق اتهام جاهز كما نشاء وتعاظمت هذه المسألة في زمن الجائحة والضائقة، نحن نظهر كأننا (ماما تريزا) ورائدات العمل الاجتماعي والإنساني ولكننا لا ننتصر لمن يجب أن ننتصر لهن. نحن ننتصر من خلال العمل الاجتماعي للفئات المرفهة ونفرح ونبتهج ونحتفل ونعمم وثائق الاحتفال لافتتاح محل لبيع المعجنات والكيك، ونذهب لننعت معثرات ينتجن المفتول في جمعية تعاونية او جمعية ريفية بأنهن مقصرات بدعم المنتجات الفلسطينية حتى لو ارتفع سعره كم من شيكل!!!!!!

يجب أن نعمل كلنا في تخصصاتنا ومجال عملنا بإبداع ومهنية حتى نخرج من هذه الجائحة والضائقة بسلام آمنين، ولا يجوز لنا أن نسيس كل مناحي الحياة وننسى أن هناك مواطنين ينتظرون حلولا خلاقة لواقعهم المعيشي والمالي والاقتصادي وتعزيز صمودهم، أذ لا تسعف السياسة شيئا عند غياب قوانين الحماية الاجتماعية، وغياب رؤية لمحاربة الفقر والبطالة، ورؤية أن الشباب من عمر 19 -29 عاما يشكلون 45% ولا يؤثرون في المجتمع وليس متاحا أمامهم المشاركة السياسية والتأثير على صناع القرار ولا حرية الرأي والتعبير، بينما يخطط لهم ويصدر القرارات والخطط لهم ويرى لهم آفاق المستقبل من هم فوق الستين عاما والذين يشكلون 5% من المجتمع الفلسطيني!!!!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجائحة وأفق المستقبل الجائحة وأفق المستقبل



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon