عون ـ الحريري القصة طويلة

عون ـ الحريري... القصة طويلة

عون ـ الحريري... القصة طويلة

 لبنان اليوم -

عون ـ الحريري القصة طويلة

طارق ترشيشي
بقلم : طارق ترشيشي

دلّت المواقف والتطورات منذ ما قبل تكليف الرئيس سعد الحريري وبعده الى انّ الانسجام الذي كان قائماً بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ ايام التسوية الرئاسية عام 2016 الى حين استقالته في تشرين الاول 2019 لم يعد موجوداً، فالاول قبِل على مضض تكليف الثاني لأنه جاء نتيجة استشارات نيابية مُلزَم دستورياً بها، والثاني لن يعتذر ولكنه يتخوف من ان يعطّل الفريق المؤيد لرئيس الجمهورية مسيرته الحكومية. لكن مع ذلك يجزم احد رؤساء الحكومة السابقين أنّ الرجلين «جاءا الى السلطة معاً وسيخرجان معاً»، وأن أياً منهما ليس بقادر على إزاحة الآخر، ولذلك «القصة طويلة».

وتأسيساً على هذه المعطيات تؤكد اوساط عليمة، وبعضها قريب من فريق التأليف الحكومي، أنّ ولادة الحكومة العتيدة لا تزال متأخرة، وأن كل ما يجري من تحركات ومبادرات من هنا وهناك لن يؤدي الى نتيجة، أولاً لأسباب داخلية منها النزاع الدائر حول حجم الحكومة وشكلها والحصص الوزارية فيها والتي ترتبط بنحو أو بآخر بالاستحقاقات المقبلة، وتحديداً الاستحقاقات الانتخابية سنة 2022. وثانياً للاسباب الخارجية والتي ترتبط اساساً بالحوار الاميركي ـ الايراني الذي كان قد بدأ بين طهران وواشنطن قبل تسلّم الرئيس الاميركي جو بايدن سدّة الرئاسة وسيستمر بعده، وهو يركز على الاتفاق النووي الايراني، إذ انه على نتائج هذا الحوار ستتقرر مسائل كثيرة تتعلق بمصير لبنان والمنطقة.

وفي هذا السياق، تكشف هذه الاوساط أن واشنطن أوقفت ما كان مقرراً من عقوبات كانت تنوي فرضها على سياسيين وكيانات لبنانية وغير لبنانية تتعلق بـ»حزب الله» او تدعمه او متورطة في فساد، وهي ستبقيها موقوفة في انتظار ما سينتهي اليه الحوار الدائر بينها وبين ايران.

وتقول الاوساط ايّاها انّ لبنان، رغم حاجته الماسة الى حكومة، لم يعد الحلقة الأضعف، وانّ الحلقة الأضعف في المرحلة المقبلة ستكون سوريا حيث انّ البعض يعتقد انّ إخراجها من المعادلة يجعل «حزب الله» محاصراً في لبنان، ولا يعود هناك من داع لمحاربته على الاراضي السورية. وفي هذا السياق تطرح الاوساط علامات استفهام حول ما يمكن ان ينتهي اليه الحوار الاميركي ـ الايراني، والذي لا تنظر اليه روسيا الداعمة للنظام في سوريا بعين الارتياح.

وتقول هذه الاوساط، وبعضها مطّلع على ما يجري في شأن المنطقة، ان الادارة الأميركية الجديدة ستذهب الى أقصى انفتاح في الحوار مع ايران ولكنّها في الوقت نفسه ستتشدّد في الموقف إزاء سوريا وروسيا. وتشير الى انّ «حزب الله» سيرتاح في لبنان، خصوصاً إذا حصل تفاهم اميركي ـ ايراني، في حين انّ النظام في سوريا قد يذهب في هذه الحال الى بعض الخيارات ليحمي نفسه، وفي مقدمتها تعزيز علاقات التحالف بينه وبين موسكو التي قيل إنها تعمل في مكان ما على ترتيب مفاوضات سورية ـ اسرائيلية، دلّ اليها بنحو غير مباشر كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من «اننا لا ننوي طرد الأميركيين من سوريا أو الدخول في اشتباكات مسلحة معهم، لكننا نطالبهم بشدة بعدم استخدام القوة ضد المواقع التابعة للدولة السورية». وشدد لافروف على «اننا نتواصل مع إسرائيل بشكل وثيق، وندعوها لوقف الاعتداءات على الأراضي السورية واللبنانية». وتابع: «لا نريد أن تستخدم أراضي سوريا ضد «إسرائيل» أو ساحة للنزاع بينها وبين إيران»، مشيراً الى انه «إذا كانت إسرائيل ترى تهديدات لأمنها صادرة من أراضي سوريا، فإننا نطلب منها تقديم معلومات تثبت لنا حقيقة هذه التهديدات لنتعامل معها».

وترى هذه الاوساط «أن المشهد في سوريا يشير الى انّ الاميركيين سيدعمون الأكراد الذين يحاصرون قوات تابعة للنظام في القامشلي، فيما

تحاول تركيا فرض نفوذها على الشمال (في ادلب وجوارها)، أما الجنوب فيشهد يومياً اغتيالات وهجمات على الجيش السوري وحلفائه، فيما الروسي يؤكد أنه لا يريد ان تكون سوريا ساحة حرب ايرانية ـ اسرائيلية، وهو ما تحاول تركيا فرضه، كما يؤكد لافروف.

على ان الجميع ينتظرون ما سينتج من التفاوض الاميركي ـ الايراني ليبنوا على الشيء مقتضاه. لكنّ المؤكد، في رأي هذه الاوساط، انّ اسرائيل لن تكون مرتاحة لحصول اتفاق اميركي ـ ايراني نعتقد انه سيُبقي لإيران نفوذاً في سوريا ولبنان. ومن هنا يحاول الاسرائيليون من خلال الروس العمل للوصول الى تسوية مع النظام السوري، ويسرّبون في هذا عن لقاءات تحصل في قاعدة حميميم برعاية روسية، فهم يتوجسون من اي تفاهم اميركي ـ ايراني لأنه يُبقي لطهران نفوذها على الساحة السورية ويبقي تالياً نفوذاً لـ»حزب الله»، في حين أنهم يعتبرون انّ زوال النفوذ الايراني من سوريا يجعل الحزب «ساقطاً عسكرياً» في لبنان.

وتقول هذه الاوساط انّ العلاقات الايرانية ـ الروسية «ليست في حال جيدة، خصوصا في هذه المرحلة، لأن الروس يدركون ان التقارب القائم بينهم وبين الايرانيين حول سوريا وغيرها من دول المنطقة هو تلاقي مصالح، فيما عين طهران هي على واشنطن من اجل التوصل الى اتفاق معها حول الملف النووي ورفع العقوبات المفروضة عليها. وتلفت الاوساط هنا الى ان روسيا تدخلت عسكرياً في سوريا تحت عنوان «دعم النظام» ومكافحة التنظيمات المتطرفة بعد 3 أشهر على حصول الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة الدول الخمس زائداً واحداً عام 2015، ما فتح الباب امام تفاهم اميركي ـ ايراني أوسع كان سيحصل يومها لو لم تخرج الولايات المتحدة الاميركية منه ايام ادارة ترامب عام 2017. فقد تدخل الروس في سوريا لمنع وقوعها في الحضن الايراني، بغضّ النظر عما سيكون لها من مصالح في مختلف القطاعات السورية، ولا سيما منها قطاع النفط والغاز.

وتعتقد الاوساط نفسها ان حصول اتفاق بين واشنطن وطهران في المرحلة المقبلة ستكون له توابع تتعلق بلبنان والمنطقة، لكن المفارقة هنا انّ اسرائيل ستفضّل النفوذ الروسي في سوريا على النفوذ الايراني، وفي حال اشتبك الاميركي مع الروسي في سوريا فإنه سيفضّل النفوذ الايراني فيها. في حين انّ الدخول الاسرائيلي على الخط في سوريا غايته تكريس النفوذ الروسي فيها، حتى ولو حصل اتفاق اميركي ـ ايراني.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عون ـ الحريري القصة طويلة عون ـ الحريري القصة طويلة



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها

GMT 08:55 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الفحم للشعر وطريقة عمل قناع منه

GMT 00:39 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

نتائج مثيرة لما بحث عنه مستخدمو الإنترنت على "غوغل" في 2019

GMT 10:01 2022 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

أفكار في الديكور للجلسات الخارجّية الشتويّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon