«كوز» أم «حنفية»

«كوز» أم «حنفية»؟!

«كوز» أم «حنفية»؟!

 لبنان اليوم -

«كوز» أم «حنفية»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

كل نافذة جديدة تواجَه بقدرٍ لا يُنكر من التوجس، وغالبًا يعلو صوت الرفض مسيطرا على المشهد.

عندما بدأ استخدام الصنبور فى مصر، اعتبرته كل المذاهب الفقهية محرما لأنه ينقض الوضوء، وطالبت الجميع بالعودة لاستخدام (الكوز)، ماعدا المذهب الحنفى، ومن هنا أطلقنا على الصنبور اللفظ الدارج (حنفية).. شىء من هذا القبيل أيضا واجه احتساء القهوة.. فى البداية، توجسوا منها واعتبروها تُذهب العقل مثل المكيفات، ثم أصبحنا نطلق على الكافيتريا لفظ (مقهى) من القهوة، وهذا يفسر لك لماذا فى الثقافة الشعبية غير مستحب أن يتناول الأطفال القهوة، وحتى الآن لا يزال مكروها.

عندما بدأنا نعرض أفلاما فى مصر، اعتبروها رجسًا من عمل الشيطان، وهكذا تعامل البعض مع (المنصات الرقمية)، هناك من يراها أسوأ سلاح سوف يغتال السينما والفضائيات.

أنا مثل كثيرين من جيلى، لم أكن من محبذى متابعة المنصات والتعاطى مع شاشة (الكمبيوتر) لمشاهدة الأعمال الدرامية، حتى داهمتنا قبل ثلاث سنوات الملعونة (كورونا)، وأصبحنا أسرى المنزل، وبات التعامل معها باعتبارها شرًّا لابد منه.. إلا أننا مع الأيام رأينا وجها آخر للحكاية.. المنصات تملك القدرة على تحطيم العديد مما نعتبره قواعد صماء لا تحتمل التغيير. أكبر خطر يواجه بضراوة الدراما حتمية الوصول فى عدد الحلقات إلى رقم (30)، والتى بدأت مع انتشار الفضائيات، حيث تنتعش سوق المسلسلات الرمضانية، وهكذا صار الرقم إجباريا.

وهنا بدأ استخدام توصيف (الفطاطرى)، الذى أطلقه كاتبنا الكبير الراحل (وحيد حامد)، وكان يضرب المثل بفكرة قطعة العجين الصغيرة التى يتم تشكيلها طبقا لرغبات الزبون.

بقليل من الدقيق، من الممكن للفطاطرى الشاطر بدلا من أن يصنع منها قطعة (بيتزا) صغيرة، يحيلها ببضع ضربات متلاحقة على المائدة إلى فطيرة كبيرة بعد اتساع قطرها إلى دائرة مترامية الأطراف.

كثيرًا ما يستخدم النقاد تعبير (اللت والعجن).. يطلقونه على الكُتّاب الذين يصرون على أن يشغلوا بها مساحة درامية أكبر.. إنه صراع أطلق أنا عليه (معركة الصفحة البيضاء)، والتى يجب على الكاتب أن يملأها بأى ثرثرة وأحداث مفتعلة، حتى يتمكن من تبديد زمن الحلقة.

تلك هى (آفة) الدراما التليفزيونية عندما يصبح الرهان.. كيف تملأ الفراغ حتى لو كان أيضا بفراغ؟!.

التاريخ يقول لنا، إن عددا كبيرا من أشهر المسلسلات التى سكنت الذاكرة والوجدان لم تتجاوز حلقاتها رقم 15، وبعضها 10 مثل (هو وهى) سعاد حسنى وأحمد زكى، و(أحلام الفتى الطائر) عادل إمام 14 حلقة، و(ضمير أبلة حكمت) أول عمل درامى لسيدة الشاشة فاتن حمامة 15 حلقة.. المنصات حطمت كل ذلك، صار من الممكن أن تجد مسلسلا 8 حلقات، وآخر 9 حلقات، والفيصل هو المحتوى الدرامى الذى يفرض زمنه، رغم أنه ومع بدايات التليفزيون فى 1960، كان هناك ما يُعرف بالخماسية والسباعية والسهرة الدرامية، ثم مع الزمن اختفت تماما، وسيطر على الشاشة المسلسل الطويل الذى يحتل 30 يوما.

يومًا سألت المخرج يوسف شاهين عن العيب الأكبر فى الدراما التليفزيونية، فأجابنى: (الرغي)، وكان يطالب تلاميذه بتجنبها، واعتبرها مثل الرمال المتحركة، من تنزلق قدمه مرة فلن يستطيع الفكاك أبدًا.. الغريب أن كل من حذرهم يوسف شاهين من بين نجوم أفلامه انزلقت أقدامهم تباعا، وأصبحوا بعدها من علامات الدراما التليفزيونية، مثل: نور الشريف ويسرا ومحمود حميدة وحسين فهمى.. وغيرهم!.

المنصة مجرد نافذة، من حقك سواء كنت مبدعًا أو متفرجًا أن تطل منها أو عليها.. أما المحتوى فأنت وشطارتك.. (كوز) أم (حنفية) ليست تلك هى المشكلة!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كوز» أم «حنفية» «كوز» أم «حنفية»



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية

GMT 13:08 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

أمير منطقة الرياض يرأس جلسة مجلس المنطقة

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد

GMT 11:29 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

ضرائب متراكمة على النجمة باميلا أندرسون

GMT 13:54 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

المحرق ينظم مهرجانه الخامس عشر بمناسبة الأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon