رجم الثورة

رجم الثورة

رجم الثورة

 لبنان اليوم -

رجم الثورة

عمار علي حسن

ليس هذا مقالى، لا فى عنوانه ولا مضمونه، إنما هو مقال أرسله لى الكاتب والباحث الأستاذ محمد جلال عبدالرحمن، طالباً منى أن أساعده فى نشره، لكننى لست رئيس تحرير، ولا أملك سبيلاً مأموناً لتقديمه إلى مسئولى صفحات الرأى فى الصحف، وإن قدمته فلا أضمن بالضرورة نشر المقال، لهذا لم أجد غير ترك مساحتى هنا له ليقدم مقاله إلى القارئ، وأقتدى هنا بأستاذى يحيى حقى الذى رفع ذات يوم قصته من المجلة ونشر مكانها قصة الأديب والمترجم الراحل محمد إبراهيم مبروك، لضيق المساحة، علماً بأنها ليست المرة الأولى التى أفعل فيها هذا مع ما يرسَل إلىّ إن وجدته يستحق، وحجتى سقتها سابقاً، و«ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب».

وصاحب المقال شأنه شأن كثيرين فى بلدنا يملكون ناصية الكلمة والفكرة لكنهم لا يجدون مكاناً، بينما ازدحمت الصحف بكتّاب هواة، كثيرون منهم لا يقرأون أبداً، ويُظهرون عجزاً فاضحاً فى صياغة جمل مفيدة، ناهيك عن فكرة مكتملة، لكن الكتابة شأنها شأن مهام ومهن كثيرة فى بلادنا وُسِّد الأمر فيها إلى غير أهله. وهنا المقال:

«لا مشاحة فى القول أن الثورة المصرية فشلت، ولم تؤتِ أهدافها حتى الآن، والفاعل الأساسى لهذا الفشل سواءً ممن كان أميناً عليها أو من شارك فيها يتمثل فى تدنى الوعى الفكرى والسياسى ليس فقط بأهمية الثورة بالنسبة لهذه الأمة، بل أيضاً بمخاطر فشلها.

ولا نفرق بين ثورتى يناير ويوليو، ولا يهمنا من يُنزل أياً من الثورتين موضع الاعتبار من عدمه، فبعيداً عن الاصطلاحات السياسية تكمن الأهمية فى أن هناك عملاً فجائياً حدث فى مصر راح ضحيته عدد لا يستهان به من الشهداء، وفُقئت لأجله عيون خيرة شبابها رغبةً فى تحقيق أهداف ومطالب جاءت على وجه التحديد والدقة فى الميادين على الشكل الذى يستلزم ألا يدلس عليها أو تُغبن فى تلبية مطالبها أو تجاب بهذه النتائج والأوضاع المتردية، وكانت هذه المطالب لها ما يؤيدها من الأسباب المشروعة حتى يتغير حال الأمة من الضعف والانحدار فى كافة المجالات، فهل تغيرت أم لا؟! والإجابة: بالطبع لا.. لم تتغير بل زادت المساوئ، ونحيل إلى الواقع فلا أدل على هذه الإجابة منه.

إن وجه الخطورة لا يكمن فقط فى فشل الثورة، والانقسام الذى ذبل فى الظاهر لكنه أصبح مطبوعاً فى النفوس، ولا فى حاجة الفقراء التى تزداد يوماً بعد يوم جرّاء البؤس الفكرى، بل ولا فى رجوعها بالجور على الثوار أنفسهم فى بعض الأحيان، ولكن الخطورة تكمن فى الإهانة التى توجه إليها كل ساعة بل كل دقيقة على الشاشات من ناحية، وبالقوانين من ناحية أخرى، فكل مشترك فى الثورة سواء كان على قيد الحياة، أو انتقل أصبح يُرجم من مجموعة لا علاقة لهم بأدنى معيار من معايير المهنية أو الالتزام الأخلاقى، وذلك فى الطريق إلى الاستقطاب السياسى، والعمل بجد واجتهاد على مسح الذاكرة الثورية الذى لا يلاقى فعالية إلا على بسطاء هذه الأمة، فلا شك أن هذا النهج مستمر بوضوح لصالح مؤسسات أو أشخاص بعينها، فلا يخفى ذلك على من يمتلك نصف عقل أو إدراك للأمور.

كما أن الثورة المصرية لم تكن إبليساً ولن تكون فى يوم من الأيام مثلما يصورونها حتى ترجمها القوى القديمة كرجم المسلمين لإبليس فى الحج، بل قامت ضدهم لأسبابٍ وجيهة ومجّد شهداءها المصريون أجمعون بل والعالم أنزلها منزلةً عظيمة لما اتسمت به من طابع سلمى، واعترف بالثورة كل الدساتير المصرية التى أعقبتها، فرميهم الثورة بالباطل لن يكون أبداً حجارة تطهرهم، ولا الرجال الذين يعملون من أجلهم مما فعلوا فى مصر.

والخوف أن يستمر هؤلاء الراجمون للثورة فى رجمهم، وهم يعلمون أنها ليست إبليساً، فتهب فى وجوههم مرة ثالثة، وعندها يحق لنا أن نخاف على مصر قبل أن نخاف على الثورة الضائعة التى لم يجنِ منها الشعب غير الحداد على الشهداء، وحالة الوطن».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجم الثورة رجم الثورة



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon